كوميديا الحب الإلهي‮ ‬في‮ ‬قاعة الجواهري – نصوص – صبيحة شبر

1٬877

اقام اتحاد الأدباء في 8 نيسان اصبوحة احتفائية بالمنجز السردي للأديب لؤي عبد الاله وبحضور عدد لافت من المتابعين للحركة الأدبية العراقية ، أدباء وشعراء واعلاميين وقنوات فضائية، أدار الجلسة الروائي خضير فليح الزيدي الذي عرف الحاضرين بموجز من سيرة الر وائي لؤي، فهو من مواليد عام 1949   سافر من العراق الى الجزائر عام 1976 وبعد الحرب العراقية الايرانية آثر البقاء في المهجر، واستقر في مدينة الضباب الى يومنا هذا، ترجم عددا من كتب كونديرا الى اللغة العربية وله مخطوطة لقصص مترجمة لأدباء عالميين، له عدد من المجموعات القصصية ، المجموعة الأولى عنوانها( العبور الى الضفة)، المجموعة القصصية الثانية بعنوان (أحلام الفيديو)، وله مجموعة ( رمية زهر)، كما له أدب اليوميات في رحلة العودة الى مسقط الرأس، وروايته المهمة عنوانها ( كوميديا الحب الالهي) عن دار المدى 2008  وله مخطوطة لمجموعة قصصية عنوانها (لعبة الأقنعة)، كتب عن روايته عدد من النقاد أمثال زهور كرام، وياسين النصير، تتجلى قدرة لؤي عبد الاله في هذه الرواية في دخوله مجالا لم تطأه أقلام الروائيين العراقيين، واستطاع اللعب بقدرة الروي، وهناك لعبة الميتاسرد، كتب بحرفية عالية جعلته يتحفنا برواية عراقية صميمية..

عبر الروائي عن سعادته بحضور زملاء الدراسة الذي كان حضورهم حلما في الذاكرة الجمعية، وجعله امام حالة غير طبيعية امام مستوى المشاعر، وقال ان ذاكرة المنفي دائما مجمدة أمام البلد الذي تركه، وهذا يجعله يعتقد ان الحياة كما كانت عليه قبل مغادرته الوطن، والذاكرة ترفض التغيير، وهذا تشبث بالعالم الذي عاشه، فتصبح الكتابة طقسا متواصلا، من اجل الاستمرار في الحاضر، وهذا يفسر سبب الانفصام بين الحاضر والماضي.

وتناول المحتفى به محطة البدء بالكتابة، وكانت على نهر دجلة، خلال عامين قضاهما في الثانوية، والعديد من الأساتذة المنفيين كانوا يذهبون الى جسر ديالى، والطلاب كانوا يأتون من أماكن مختلفة، وكانوا يسمعون نقاشات حول أفضلية الشعر الحر على العمودي، وكانوا يتحدثون عن سارتر والبير كامو ودانتي، وكان المحتفى به لا يفقه من كلامهم شيئا، وكان كل طالب يقرأ نصا كتبه ،، وحين قرأ الروائي نصه قوبل بالهزء والسخرية، جعله يصمت لمدة طويلة، ويعتبر هذه المحطة مكانا لزرع شحنة الكتابة والجدل..

المحطة الثانية في مسيرة الروائي هي الجزائر، حيث القراءات الكبيرة والوضع السياسي المضطرب ، الكل هناك متفائلون، وهذا اعطاه فرصة للتأمل، وجعله يكتب باحثا عن سبب الاستبداد، ولقد اثرت في المحتفى به مجموعة من الكتب امثال مائة عام من العزلة لماركيز ، والرجع البعيد لتكرلي، وقراءاته هذه جعلته يعيد النظر في كتاباته التي كان يجدها الملاذ الوحيد أمام الخراب، وفي عام 1981 كتب قصة السنونو التي تنطلق من حلم ليلة صيف ونشرت القصة في مجلة الآداب.

أشار الكاتب الى ان المشكلة التي تواجه الأديب هو الهم السياسي ، ومن هنا كتب قصة ( مملكة النحل) وتتحدث عن الصداقة، وهناك تناصات مع القصة هذه ، مثل ماكبث، وقد قرأ الروائي عبد الاله قصص ادجار الن بو، الذي يستعمل ضمير المتكلم ، وهو اقرب الى الحلم المنقطع.

اشار الكاتب الى فترة ما بعد حرب 1991  وجد نفسه يقرأ ابن عربي، واستمرت الفترة خمس عشرة سنة، واكتشف ان هناك في بريطانيا جمعية ابن عربي، ووجد هذا حلقة من نقط الاتصال مع المجتمع الغريب الذي كان يعيش بينه، وقد استفاد الكاتب من قصص كليلة ودمنة في كتابة( أحلام الفيديو)..

تحدث الروائي عن ( رمية زهر) وقال انها محاولة لكسر العلاقة مع المكان، وخلق مكان وزمان آخرين، تتداخل فيه الموسيقى وعلم الكون في العمل القصصي، وفهم ان التناص يجب ان يتجاوز حدود النص، واستثمر علم الكلام والموروث، ورأى ان هذا ليس ممكنا دون وجود الاطار الفلسفي، وبين ان روايته لم تكتب ضمن فصول، وانه استفاد من الواقعية السحرية، وكسر الفجوة الزمنية..

قال الناقد ياسين النصير انه سعيد بالحضور المتميز والوعي النقدي الذي يملكه الأستاذ لؤي، وقال ان المثقف يمتلك رؤية نقدية، وفي رواية (كوميديا الحب الالهي) مزج الكاتب بين عالمي لندن والعراق، ومزج الشخصيات في عالم غريب ، لا يمكن الامساك به، ودخل من الأجواء النفسية للأسرة الانكليزية، والكاتب حول الواقع الصارم الى لغة ، تحمل كل التباين بين العراق وبريطانيا، وفيه الكثير من الجزئيات ، وبين النصير الى ان الأدب الحديث يتجه الى تفتيت البنى الكبيرة ، وخلق جزئيات صغيرة..

يرى محمد علوان جبر ان الرواية تتداخل فيها الأزمنة والأمكنة ، وتتعدد الشخصيات ، وتدون التاريخ ، وتساءل علوان هل كوميديا الحب الالهي تاريخية ام استفادت من التاريخ، ومنذ البدء يجد القارئ نفسه داخل الحدث، والصراعات التي شكلت أحداث الرواية، وتتداخل الاصوات، ويتم تناول الأحداث عبر السير الذاتية، ويرى محمد علوان الى ان رواية لؤي عبد الاله تمثل اضافة نوعية الى السرد العراقي.

جمعت الدكتورة عالية ابراهيم بين الشهادة والرؤية النقدية، وقالت انها حين شرعت في قراءة الرواية جاءت صدمة التلقي، واكتشفت ان الكاتب لم يحرك قلمه في لحظة استرخاء، وبينت ان رواية كوميديا الحب الالهي نص حياة وخلاصة تجربة، وتطواف في المدن عاشها المؤلف في الوطن والمنفى، استطاع المؤلف ان يتقمص شخصية العالم النفسي الخبير.

يرى الناقد علي الفواز ان الرواية تتعامل مع موضوع خطير، يتعلق بنبش الذاكرة العراقية ، ونحن نعيش في مكاشفة مع التاريخ، وتساءل ما الذي احدثه الطغيان كي يصنع لنا شخصيات مأزومة تناول العمل الأحداث العراقية مثل شخصيات القيادة المركزية وانقلاب عام 1968

اقترح عبد العزيز لازم ان يذهب الحاضرون الى موقع المحتفى به، ليطلعوا على ابداع شامل، فهو قد كتب في كل شيء، وان المعرفة بالتاريخ مهمة لإغناء السرد، وللكاتب قدرة على التحدث عن شخصيات غير عراقية، وبين لازم ان قصص لؤي عبد الاله تحمل صفات الرواية ، ففيها حشد من الشخصيات، وتؤثر على حقوق القصة القصيرة الحديثة. .

يرى الدكتور عبد جاسم الساعدي ان لؤي واحد من الشباب ، أعادوا قراءة الماضي من كل الجوانب، لوجود فضاء واسع من الحرية، كتاباته تمثل شكلا من أشكال السيرة.

المصدر: جريدة الزمان بتاريخ: APRIL 12, 2015

اقرأ ايضاً