بَصَرِيّات مفاتيح الرؤى في قصص لؤي عبد الاله

1٬311

إسماعيل إبراهيم عبد

في مجموعتيه القصصيتين (لؤي عبد الإله) يوقف قصصه على جملة انساق ، منها ثيمية انسانية عامة ، ومنها تُوَظَّف لأجل المتعة والمنفعة معاً ، ومنها ما تهدي الى قيم روحية تخص الوجود المادي والمعنوي ..

وقصصه من الجانب (الفني/ القيمي) يمكنني ان اصنفها على وفق رؤيتي الى /

1 ـ قصص المنطق السياحي ، قصص العبور الى الضفة الاخرى مثالها.

2 ـ قصص المنطق الفلسفي الغرائبي ، قصص احلام الفيديو مثالها .

وقد اجتمعت القصص على عدة مبادئ تجمع بين الثيمة والتقنية ، منها :

1 ـ طرافة الافكار وطراوة المناخ الخالق لها.

2 ـ  توحي ـ جميعاً ـ باسترخاء كاتبها بحيث ان قصصه هي الأُخرى تبعث على الاسترخاء العاطفي والمزاجي والعصبي .

3 ـ تحتفظ القصص جميعها بوجاهة من نوع محايد تخص الافتتان بالموجودات وتعالقها الوجودي واكمال بعضها للبعض الآخر .

4 ـ تحتفي القصص ببواطن نفسية تجمعها معاً ، كأنها قصص متنوعة لحياة الانثى والرجل كنفسين خالدتين سديميين.

5 ـ تبعث القصص جميعاً بهاجس العراقة الى أوصال القراء ، على مستوى الأصالة والعِرق والانتماء والاحتماء.

*وعلى الرغم من كونها ـ برأينا ـ مقولات سردية توحي بالقص لا تصنعه ، الا اننا نتمتع بها كونها مشروعات قصصية ، جاءت مقدمة ـ يجب ان تنوجد ـ لأَعمال اخرى تبني عليها وتكملها .لنتابع/

الوصف البصري الافتتاحي يمهد الكاتب في افتتاحيات قصصه لمجموعة (العبور الى الضفة الاخرى) بأوصاف بصرية انتقالية انتقائية ، لكل عنصر فيها وظيفة ، قد تتعداها بالعبور من ضفة معنى الى ما يقاربه ، لأجل استكمال لقطة مقصودة التضليل .. سنرَى  :

[ها هو يتسلل عبر النافذة دون ضجيج . اسمع حفيف وشاحه الأبيض الطويل ملامساً البلاط. كركر ضحكة ، خافتة ، متقطعة .يمشي على رؤوس أصابع قدميه العاريتين . يمضي الى سرير عصام ، يجلس فوقه مسندا ظهره الى الجدار . يسقط الوشاح عن رأسه ، يظهر شعره الأبيض المسدول حتى كتفيه ، فضة تلتمع تحت ضياء القمر المبثوث في هواء الحجرة.

أغمض عيني قليلاً ، صورته مشوشة أمامي .أتنفس رائحته الأشنية ، الرطبة ، قادمة من جدران سرداب عميق ، مظلم ، مغلق منذ ألف عام  .أعلم انك مستيقظ  ، لا حاجة لخداعي .. جئت لأخلصك مما أنت فيه من بلاء ” تتناثر كلماته في الفضاء ، يحملها صوت حجري بارد،يتفكك فوق الجدران الى رذاذ من الهمس الناعم ، الرتيب ، فتقشعر له روحي](1)

ان البصر كونه من أبرز وأخطر الحواس الإنسانية فسيحيل الى أذهاننا قناعات تضيف للموجودات وظائف حسية هي الأُخرى ولكنها هنا ـ وهذا هو الأهم ـ تتعدى وظائفها الحسية الى مؤديات تأثيرية شعورية . أي الى مطلق (ما وراء المعنى) ، تنغمس بعيداً في الذات البشرية كما لو انها حيوات عديدة ستفقد عنصر وجودها بعد ضنىً ومقاومة شديدتين ، وكأن الكلمات والجمل تتضامن في حصارها لذاتها مع البطل الذي يقاوم عزرائيل الذي يتحدث واياه بخداع بصري حسي لا مرئي ، وهذا هو ما يدفع بالتفكير الى الغور بعيداً عن المظهر ، الى العمق الجوهري المعنوي .

تُرى ما الدلائل البصرية في النص أعلاه ، وكيف تحولتْ بوظائفها الى مؤديات معنوية بعيدة عن علاماتها المجردة ؟ + ستستبين في النص علامات عديدة تتحول الى اشارات واشارات مجاورة واشارات دالة على لا مرئيات ، ودلالات  تحيل الى  (لا وظائفية) ..

ولتوضيح الفكرة يمكننا ان نهتم ببعض التفصيلات التي سيقاس عليها المتبقي من عناصر الجدول .. لنرقم فقرات التوضيح على النحو الآتي :

1 ـ عندما ترد كلمة (هو) فتعني اسم لمذكر غائب ولكن عندما تضاف له كلمة (تسلل) فتتحول كلمة (هو) من كونها كلمة لعلامة مجردة الى (اشارة) تشير الى كائن له صفة (تجاور) علامته لكنها تبتعد عنها بشيء جديد .. وهنا يحقق عنصر العلامة صفة الاشارة (المجاورة للعلامة ، التي لا تبتعد كثيراً عن وظيفة أصلها السابق ، انما تجاوره.

2 ـ وعندما يضاف عنصر جديد يلحم البون بين العلامة والاشارة مثلما هو المضاف لـ هو ، والتسلل ، أي التوغل بلا ضجيج ، هنا ستتحول الاشارة من كونها مجاورة جملية الى حركة لا مرئية حرة تهدف الى تحقيق اللامرئي الاشاري للمعنى المبطن للجملة ، اي معنى لـ ما وراء اللفظ الجملي الجديد .

3 ـ وفي تضافر السير الحركي غير المرئي للإشارات يتصل ما وراء المعنى بما أسميه (الآن)، ” لا مرئيات اللا وظيفة ” وبرأينا أن ذلك يعني بأن الجملة وصلت الى متعة لفظية صرف لا تتصل مباشرة بأي معنى ، إنما لها علاقة بعيدة بالاصول الثلاثة السابقة وتربتط مباشرة بمطلق المتعة القرائية الحرة.

4 ـ ما حددناه قبل قليل يمكنه ان يصير مقترباً للعناصر المتبقية فمثلاً :

نافذة (علامة مجردة) + العبور(اشارة مجاورة) + انصات الكاتم للحس(لامرئيات اشارية)

= انفتاح عمراني حر (مطلق) ليس له وظيفة مباشرة ، يتصل بالمتعة المطلقة دون ان يفقد أداءه السردي .

5 ـ في الفعل المُنَوَّهُ عنه كعملية سردية عبر الجدول تتأكد لها حالتان هما /

ـ ان النسيج سيغدو قصاً غنائياً ، ان كان ما قلناه مسوغاً كافياً لشعرية وشاعرية المقول النصي أعلاه .

ـ ان جميع العلامات الأولية بدأت مرئيات بصرية مادية تماماً تحولت الى إشارية مدغمة ، من ثم تحولت الى لامرئيات بصرية ، من ثم ارتفعت لأرقى مستوى في الفهم (مطلق ما وراء المعنى).

بيئة أناشيد ما ان يبلغ الفرد قمة مثالية من جودة اللغة التعبيرية حتى يتحول الى حكيم يَنْشَدُ الى الفضيلة متخذاً من الإنشاد إيقونة ولوج في ذوات مخلوقاته ، يضفي عليهن روح من السمو الإنشادي متصوراً ـ وجود (أوبرا) وفرقة اوبرالية تنشد على وفق ايقاع تراكم السرد بمناظر شعرية مسرحية .. وفي قصة (حكايات كليلة ودمنة المفقودة) تجرية قريبة من فرضنا أعلاه.. لكننا ـ وإن خَمَّنا قمة ما للغة ـ فنحن لا نقصد التعويل على القمة اللغوية فقط ، انما نركن الى قوانين التجريب المتفق على أهميتها .

ان الناظر هذا ينتظر وجود اشتغال قصصي له فلسفة ما في التجريب ..

فما الذي يقال عن معنى التجريب ؟.

التجريب في معجم المعاني الجامع هو :

” أحد مراحل عمليّة تبنِّي الأفكار المستحدثة يحاول فيه الفرد تطبيق الفكرة المستحدثة وتجديد فائدتها والتأكُّد من مناسبتها لظروفه الخاصّة “((2)

“نؤكد … أن التجريب مفهوم وليس مصطلحاً ، وأنه ليس تقنية بقدر ما هو تعبير عن مواقف أو رؤى فلسفية وجودية وجمالية وتاريخية تحكم مجمل العملية الإبداعية” (3)

يرى الأستاذ محمد الكغاط  ، التجريب مستويين : مستوى التجريب العام ومستوى التجريب الخاص ، فيقول  :

”  أخص بالتجريب العام المحاولات التي تمت عبر التاريخ … من اسخيلوس إلى بداية هذا القرن . وهو تجريب كان يتم بطريقة تلقائية ، إذ أن كل مبدع يحاول في عمله اللاحق أن يضيف جديداً إلى عمل السابقين .

أما التجريب الخاص ، فهو العمل الذي تقوم به مجموعة معينة ، وهي تسعى نحو البحث عن صيغ جديدة في تعاملها مع النص … التجريب في الفن بصفة عامة … عبارة عن اقتراحات في مجالات الإبداع المختلفة ، اقتراحات يقصد بها خلخلة ما هو سائد من أجل فتح آفاق جديدة ، وإثارة أسئلة جديدة ، والبحث عن صيغ جديدة للخطاب والتواصل” (4)

“التجريب ليس مجرّد مخالفة للأنماط السائدة وخروج عن المألوف بأيّة وسيلة ، … بل هو تعبير عن حساسية جديدة تعكس رؤية للإنسان والعالم في لغة حديثة وأسلوب مبتكر يواكبان إيقاع العصر ، ولكن شرط أن يحافظ النص على مقروئيته “(5)

سأهتم بتجريبية ونصية قصة ((حكايات كليلة ودمنة المفقودة))، بدءاً بما أوردناه كنص من القصة ، من زوايا متقاربة , ففي السرد دائما هناك أجزاء من عناصر التوصيل ، متغيرة الأثر ، متباينة الأدوار ـ وظيفياً/

[بيت الحلزون

حينما خلق الرب آدم وحواء ، ظلا دهراً راقدين ، جنباً الى جنب ، كعمود ملح .

قال الرب … : سأخلق الرغبة لهما ، فكانت الرغبة .

قالت الرغبة : ربي اني أُوشك على الانطفاء.

قال الرب : سأخلق الحب .

قال الحب : إلهي اخلق لي من يعينني.

قال الرب : ليكن الوجد.

قال الوجد : لا أقوى على البقاء طويلاً وحدي .

قال الرب : لتكن الغيرة .

قالت الغيرة : ما جدوى حياتي من دون ابن يرثني؟

قال الرب : ليكن الألم .

قال الألم : عساك إلهي تخلق لي عوناً .

قال الرب : لتكن العداوة .

قالت العداوة : سيدي احتاج أختاً تؤازرني.

قال الرب : لتكن الكراهية.

قالت الكراهية : سأبلى من دون طفل .

قال الرب : لتكن الحرب .

قالت الحرب : ألن تجعل حدا لشروري؟

قال الرب : ليكن الندم .

قال الندم : اخلق لي من يعقبني .

قال الرب : ليكن السلم .

قال السلم : أمنحني مولاي زوجاً رؤوماً .

قال الرب : لتكن السكينة .

قالت السكينة : إلهي سأموت من الضجر .

فصاح الرب غاضباً : لتأتِ الرغبة صاغرة بين يدي .

الخطوة الاولى

ينبهر الطفل بأصابعه القابضة للمرة الاولى على قلم الباستيل ، يضغط به فوق صفحة ورقة بيضاء ، تنبثق منها نقطة داكنة شبيهة بحلمة أُمه .

ها هي نملة تتقدم صوبه ، تتسلق بمشقة دفتره الكبير، غير آبهة به ، تمضي في خطواتها الدؤوبة من دون خوف.يحنقه غرورها وصلفها .يدفع بقلمه ، فيترجرج القوس تحت ناظريه، متطاولاً ،حتى يتحد بنقطة البدء : حلمة أمه.

تقترب الزائرة الجريئة من السور الذي انتصب فجأة أمامها .تتلاشى سرعة أقدامها العارية تدريجياً ،حتى تتوقف حائرة عند قاعدته… يظهر الحاجز السميك… تندفع بشتى الاتجاهات.

ـ الزائرة ـ يرتفع صراخها عالياً ، حتى تهتز لصداه جدران الحجرة . تتنقع الورقة بدموعها  الغزيرة . تركع امامه ذليلة ، تتوسل ذليلة ، تتوسل كي يفتح لها أحد أبواب السور ، لكن فرحه يزداد اكثر فأكثر](6)

أ ـ القصة مرحلة تبني الأفكار المستحدثة

ما المقصود بمرحلة التبني ، وما الأفكار المستحدثة في النص الذي بين مزدوجين اعلاه؟    نرى ان مرحلة التبني هي مرحلة تنفيذ النص متعدد الأجناس ، كونه نصاً من (قص وشعر ، اوبرالية انشاد ، ومشهد ممسرح).

ان ترتيب (بيت الحلزون) قائم على نموذج قصيدة النثر ، وفعل (قال) يأخذ صياغة غنائية تؤهل النموذج ليكون نشيداً ، وبسبب جماعية الأصوات يتخذ العمل باتجاهه ناحية الاوبرا الجماعية ، وبتكونه المظهري يجري بطبيعة مسرحية (حوارية) ، فيه دراما وحركة قص. اما الأفكار المستحدثة فيمكننا تحديدها بآفاق عدة ، منها :

1 ـ العنوان (بيت الحلزون) كونه عنواناً ملغزاً كثيراً ، محير الدلالة.

2 ـ الدوران بين حجرات اسطوانية ملتوية (حلزونية) يبدأ بالرغبة المكبوتة وينتهي بالرغبة المضطهدة .

3 ـ مضامين القول تحمل في طياتها مسرحا وسردا وشعرا وفلسفة ، بما يعني الكثافة الشديدة لمحمولاتها الدلالية .

4 ـ لعنوان ومضمون(الخطوة الأولى) قيمة نفسية تخص منطق فرويد النفسي ، وهو منطق من الصعب ان يصير صورة لرسم بيد طفل يحاصر مسار نملة ، لكن القص المقنع جعله  وكأن الطفل جزء من قوى الاضطهاد .. وفي هذا قلب للفهم السائد ، القائل بان الطفولة فطرة الجمال والخير ، أي العدل الشامل والسعادة الكلية ، بينما في النص يكون الطفل جزءاً من الهوة الكونية للجشع الوجودي.

5 ـ يمكننا ان نعدّ النصين نصاً وبطانة لحكاية واحدة هي حكاية (الخلق البدئي المبتلى) ، وهذا يعيدنا الى الفهم الحضاري للنصية البنيوية الكولدمانية . ان الأحكام التي سميت ربانية ، هي نتاج لبيئة الخلق الفاقد لمستلزمات السعادة الروحية ، الخلق الملتوي بين مغاليق حلزونية تبدأ بالخلق الأول والتزود بالغذاء والمعرفة من مصدر مادي فطري غريزي ، ينتهي بذات النقطة الحلزونية (الرغبة) الفاقدة للمعنى السامي!

ب ـ القصة تجربة لرؤى فلسفية

التجربة القصصية تجربة فلسفية لكنها فن وتأريخ ومواقف ، ولكونها كذلك فلن تغنِي عن الاقناع واثارة الأسئلة الكبرى ، وها هو النص بيت الحلزون يخص وجهها المظهري بمقاطعة ومخالفة ومناقشة الرب عبر لغة تساوي بين ظلام الهاوية (الكون السلبي) ، وضياء الفضاء (الحلزون والطفولة).

نريد ان نقيد متجهنا بإجراء مناسب ، يميز بين الكوني السلبي والجمالي الملتوي ، ويعدد عناصرهما الثانوية :

ـ كون سلبي من عناصر الرؤى : (قالت السكينة : إلهي سأموت من الضجر . / فصاح الرب غاضبا : لتأتِ الرغبة صاغرة بين يدي).

تبرير ذلك هو : ان عناصر الرؤى تخص عنصر اليقينية وعنصر العبادية ، وتمنحهما مضمراً سلبياً . لذا فهي رؤى تؤنسن الربوبية بظرفيها اليقيني والعبادي .

ـ حرية : (حينما خلق الرب آدم وحواء ، ظلا دهرا راقدين ، جنبا الى جنب ، كعمودي ملح .  / قال الرب : سأخلق الرغبة لهما ، فكانت الرغبة).

تبرير ذلك هو : ان ادم وحواء تحررا عبر تجاهلهما للزمن ، وسُعدا برغبة النوم معاً والفعل الغريزي تلامساً.

ـ وجود متحرك دوار: (يترجرج القوس تحت ناظريه ، متطاولاً ، حتى يتحد بنقطة البدء : حلمة أمه).

يمكنني تسبيب هذه الفلسفة بالقدرية ، التي يمثلها القوس ، والحركة ، التي يمثلها الترجرج ، والرؤية البصرية للملموسات ، يمثلها الناظران والتطاول ، وحلمة الأُم .

ان مجمل ذلك هو وجود فلسفي / مادي.

ـ ضياء الفضاء للتاريخ المحايث : (قالت العداوة : سيدي أحتاج أختاً تؤازرني .    / قال الرب : لتكن الكراهية).

لهذا النص قضية بطرفين ، الضياء والفضاء ، الفضاء يخص العداوة ومحايثها الأُخت المؤازرة ، بطانتها العداوات البشرية العرقية والطائفية والجشع والطمع المالي والسلطة الانفرادية.                                                                                                                                  اما الضياء فمتمثل في الرديف النقيض ، إذ ان المقابل المضمر هو محايث تأريخي للأعمال الانسانية السمحاء جميعاً.

ـ تناص حداثوي : (ها هي نملة تتقدم صوب الطفل ، تتسلق بمشقة دفتره الكبير ، غير آبهة به ، تمضي في خطواتها الدؤوبة من دون خوف من الطفل).

يمكننا اعتبار الطفل والنملة اختزالاً لنصوص المقاربات الحداثية التي تخص الاهتمام بالهوامش الوجودية (الطفولة ، الامومة ، الايكلوجيا) كأمثلة ، لها تناص مع التوجهات العالمية للعناية والاعتبار الجديد للشعبي والهامشي والمهمل من البنيات والبيئات .

ـ جمال فطري مستحدث : (قال الرب : سأخلق الحب/ قال الحب : إلهي اخلق لي من يعينني/ قال الرب : ليكن الوجد).

لنا ان نعرف بان الحب والوجد مخلوقان فطريّان ، خص بهما الربُ مخلوقاتِهِ الأحبَ إليه ((المرأة والرجل)) واجواءهما ((النفس والجسد)) ، وفضاؤهما ((الفضيلة والرذيلة)) ، من ثم هما (الحب والوجد) ، السعادة والحزن ، المكافأة والعقوبة ، هذا هو تأويل وتبرير الفيض الفطري للحب والوجد .. هذا ما أشره النص كمستحدث فطرة الجمال العالمية الجديدة ، تتآزر مع نصوص أخرى ، صُنِعَتْ بطبيعة سردية تقترب من التلقائية وتتغلب عليها بتقانتها التي تخص جمالية التعبير المقنع ، مثالها :

(قال السلم : أمنحني مولاي زوجاً رؤوماً / قال الرب : لتكن السكينة) / (تقترب الزائرة الجريئة من السور الذي انتصب فجأة أمامها / تتلاشى سرعة أقدامها العارية تدريجياً ، حتى تتوقف حائرة عند قاعدته).. .

تنويع وتغيير : (يظهر الحاجز السميك … تندفع بشتى الاتجاهات… يرتفع صراخها عالياً ، حتى تهتز لصداه جدران الحجرة) / (تتنقع الورقة بدموعها  الغزيرة. / تتنقع الورقة بدموعها  الغزيرة … بالحجرة ./  تتنقع الورقة بدموعها  الغزيرة).

مبرر التنويع والتغير يتمثل في انهما ـ في النص ـ خلقا نصية قصصية لها عموم يخص وجود الحواجز البيئية والكونية ، عفوية كانت أو صناعية ، ولها خصوص فلسفي يهتم بالمقاومة لكل ما يحد حق الوجود البيئي للكائنات العاقلة وغير العاقلة المرسومة والمكتوبة ، المتخيلة والملموسة ، صاحبة الحق في العبودية ، وصاحبة الحق في رفض العبودية . المهم ان القص أعلاه يبرر وجود تعامل متحضر للقصة كونها تجربة قرائية تتماهى تقاناتها ومضمرها الدلالي ـ على نحو فَعّال ـ مع سنوغرافيا الأناشيد بمشهديتها الاوبرالية في (بيت الحلزون) ، وبقيمتها السردية للأناشيد الممسرحة  في باطن الاوبرا لـ (الخطوة الاولى).

 

المصادر المساعدة

 

1 ـ لؤي عبد الاله , قصص العبور الى الضفة الاخرى , قصة القداح , دار دلمون الجديدة , سوريا , ط2, 2015 , 61 ـ ط1 دار الجندي ـ سوريا

2 ـ معجم المعاني الجامع , التجريب , تأريخ الزيارة 24/10/2018

3 ـ سهام ناصر ـ رشا أبو شنب (بحث) , منشورات جامعة تشرين , سوريا , 2014

4 ـ د . محمد أ  منصور , قضايا نظرية ـ مفهوم التجريب , مجلة الاختلاف الالكترونية , المغرب, تأريخ النشر 7/12/2010

5 ـ د. ابو بكر العيادي , التجريب , صحيفة العرب الالكترونية , تأريخ النشر 13/9/2014

6 ـ لؤي عبد الإله , قصص احلام الفيديو , دلمون الجديدة , سوريا , 2015 , دار الجندي , سوريا , 1996

 

اقرأ ايضاً